بوابة الوقائع لكل خبر حكاية
مقالات مشابهة
مقالات رأي – يوسف الحوت
كالعادة يستمر برنامج الدحيح لصناع المحتوى الشهير أحمد الغندور في إثارة الجدل بين متابعيه وهو ما حدث بعد بثّ حلقة تناولت سيرة الصحابى خالد بن الوليد الأمر الذى أثار اعتراضات وانتقادات عديدة حول منهجية التناول وسياق السرد وهو ماتناوله الصحفي الشاب الطالب بكلية إعلام عين شمس يوسف الحوت .
وفى خضم هذا الجدل، يكتب الصحفي الشاب يوسف الحوت مقاله عن الدحيح وحلقة خالد بن الوليد تحت عنوان ” حين يحاكم العلم بمنطق الدعوة”.
يوسف الحوت يكتب عن الدحيح وحلقة خالد بن الوليد… حين يحاكم العلم بمنطق الدعوة
في كل مرة يظهر فيها أحمد الغندور المعروف بـ”الدحيح”، يعود الجدل نفسه للواجهة، اتهامات بالإلحاد، تشكيك في النوايا، دعوات لمقاطعته، وفي المقابل جمهور ضخم يرى إنه واحد من أهم صنّاع المحتوى العلمي في العالم العربي. السؤال الحقيقي : لماذا يتكرر هذا الجدل؟ ولماذا تزداد الاتهامات كلما اتسع تأثيره؟.
السبب الأول ببساطة أن شريحة واسعة من الجمهور العربي لا تزال تتعامل مع أي صانع محتوى ناجح كأنه “داعية ” وتضع عليه حمل وواجب غير مبرر أن يمثّل الدين، يدافع عن العقيدة، ويردّ على الشبهات. كأن النجاح الجماهيري توقيع ضمني على وظيفة لم يتقدّم لها في الأساس . وتلك هي الأزمة: الجماهير تطلب من “الدحيح” شيئاً لم يعد قط جزءاً من مشروعه.
يوسف الحوت: الدحيح لا يقدّم نفسه كشيخ، أو داعية، أو حتى كمفكر ديني
الدحيح هو مجرد صانع محتوى يقدّم برنامجاً علمياً ترفيهياً، هدفه تبسيط العلوم والأحداث وتقديم التاريخ بمنهج بحثي أغلبه غربي المصدر، وده هو الطبيعي لأن ده مصدر العلم الأكاديمي اللي بنتعلمه كلنا. المشكلة أن بعض المشاهدين يتعاملون مع أي تناول للتاريخ أو قضايا الأمة كأنه خطاب ديني، وبالتالي يتوقعون لغة الفقهاء لا لغة الباحثين.
حلقة الدحيح عن خالد بن الوليد
الغندور قدّم خالد بن الوليد باعتباره قائداً عسكرياً استثنائياً، يوصف خططه، ذكائه، وأثره على مسار الحروب ، توصيف تاريخي بحت.
البعض اعتبر إن التركيز على الجانب العسكري فقط “تغييب للبعد الديني” أو “تقليل من قيمة الجهاد” بالرغم من ان اسم الحلقة على منصة يوتيوب ” سيف الله المسلول ” .
والواقع أن أي مؤرخ محترف – مسلم أو غير مسلم – يدرس خالد بن الوليد كقائد عسكري أولاً . الدحيح لم يكثر عن ذلك او قلل.
مثال آخر: حلقة فلسطين.
جزء من الجمهور اتهمه إنه “حوّل القضية من قضية دين لقضية أرض”. مع إن الطرح اللي قدّمه كان أصلاً من منظور سياسي/ تاريخي: تطور الاستعمار، تأسيس الحركة الصهيونية، والصراع الجيوسياسي. ده منهج أكاديمي، مش خطاب ديني. الدحيح أيضا لم ينكر البعد الديني، لكنه قدّم زاوية مختلفة ، زاوية الباحث مش زاوية الخطيب.
وهنا نرجع لجذر المشكلة إن المشاهد العربي أحياناً يرى الدين أساس كل شيء، وبالتالي أي خطاب لا ينطلق من هذا الأساس يعتبره “نقص” أو “مؤامرة” او كما يقال ” دس السم في العسل ” بينما الخطاب العلمي محايد بطبيعته، وبيفصل بين العقيدة والمعرفة.
إذن، لماذا يتهمونه بالإلحاد؟
لأن الناس ربطت العلمانية بالعداء للدين، ولأن الدحيح بيستخدم أدوات العلم الحديث ، المنهجية، المصادر الغربية، التجارب و النظريات. وإن لم تكن معنا فأنت بكل تأكيد ضد الدين. فالبعض يرى أن أي خطاب خارج الإطار الديني المباشر هو تهديد له . الاتهام بالإلحاد هنا مش مبني على أدلة، بل على خوف من طريقة تفكير مختلفة.
والحقيقة إن الدحيح مش ملزم يرضي هذه التوقعات، ولا مطلوب منه يصبح رمزاً دينياً. هو صانع محتوى ينشر المعرفة بشكل مبسّط. تحميله مسؤولية الدفاع عن الدين أو التحدث باسم الأمة هو ببساطة ظلم له، وظلم للمشهد الإعلامي نفسه الذي في حد ذاته بحاجه لتنوّع، شيخ يقدم محتوى ديني، مؤرخ يقدم محتوى تاريخي، وصانع محتوى علمي زي الدحيح.
أحمد حسام ميدو يهاجم الجميع: أسلوب ياينك فيريرا رخيص … وجون إدوارد فشل في الإدارة الرياضية
في النهاية، المشكلة مش في الدحيح. المشكلة في توقعات الجمهور.
وكلما زاد الوعي بأن كل مجال له لغته ومنهجه، هنقدر نسمع ونفهم من غير ما نجر أي محتوى إلى ساحة الاتهامات الدينية.
اقرأ أيضا على بوابة الوقائع
