قانون الأحداث و قضية الطفلة أسيل
قانون الأحداث و قضية الطفلة أسيل

من جريمة طفل الإسماعيلية إلى واقعة الطفلة أسيل .. عودة الجدل حول قانون الأحداث أقل من 18 عاما

كتب يوسف الحوت

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة موجة غضب شعبي متكررة بسبب العديد من القضايا التي تم اعتبارها قضايا رأي عام لأن المتهم الرئيسي في هذه القضايا كان طفلا تحت السن القانوني ولم يتجاوز عمره الـ 18 عاما ويحاكم بحسب قانون الأحداث .

وما زاد من الجدل هو عنف هذه القضايا سواء شملت اعتداء جنسيا على أطفال أو قتل وكان منفذوها تحت السن القانوني، الأمر الذي أدى إلى صدور أحكام مخففة مقارنة بحجم الجرائم.

آخر هذه القضايا كانت قضية الطفلة أسيل التي أُعلن الحكم فيها أمس، بعدما أثبتت المحكمة تورط متهم لم يتجاوز الثامنة عشرة عاما في 2023 عام حدوث الواقعة حيث كان المتهم عمره 17 عاما في الاعتداء عليها والتسبب في موتها.

قانون الأحداث و قضية الطفلة أسيل
قانون الأحداث و قضية الطفلة أسيل

وأصدرت المحكمة الحكم بالسجن 15 عامًا فقط على المتهم، وهو الحد الأقصى الذي يسمح به قانون الطفل المصري بالنسبة للمتهمين الأحداث، وهو ما اعتبرته قطاعات واسعة من الجمهور حكمًا غير متناسب مع فظاعة الجريمة.

مفاجآت جديدة صادمة في جريمة طفل الإسماعيلية.. الجاني أكل جزء من جثة صاحبه وقرار بحبسه 15 يوما

لم تكن قضية الطفلة أسيل هي الأولى في الجرائم التي ارتكبها طفل فقد شهد المجتمع المصري عددًا من الحوادث المشابهة التي شهدتها مصر خلال العقد الأخير، كان آخرها قضية طفل الإسماعيلية التي مازال يتم التحقيق فيها حتى اليوم والمتهم فيها طفل قام بقتل صديقه وقطع جثته بل وأكل منها.

قضية الطفلة زينة في بورسعيد

من أبرز القضايا التي أثارت الرأي العام وكان بطلها طفل لم يتجاوز السن القانوني هي قضية الطفلة زينة في بورسعيد عام 2014، حين تعرضت طفلة في السابعة من عمرها لمحاولة اعتداء جنسي من جانب حدثين – حارس العقار وجار المجني عليها –  قبل أن يلقيا بها من أعلى العمارة في محاولة لإخفاء الجريمة.

قانون الطفل
قانون الطفل

ورغم بشاعة الواقعة، لم تُصدر المحكمة حكمًا بالإعدام لأن المتهمين كانوا دون الثامنة عشرة، فحُكم على أحدهما بالحبس خمس عشرة سنة وعلى الآخر بالسجن عشرين عاما..

تفاصيل مقتل طالب ثانوي على يد زميله في مدرسة بورسعيد

وشهدت المدينة الباسلة أيضا جريمة العام الماضي كان بطلها تلميذا بالمرحلة الثانوية حيث أقدم عن طريق طعنة نافذة في القلب بسلاح أبيض على إنهاء زميله حياة محمد عمر مهران الطالب بمدرسة بورسعيد الميكانيكية داخل المدرسة، وسارع بالفرار من المدرسة ومن المحافظة بأكملها ليختبئ في أحد أحياء محافظة القاهرة.

وزير الداخلية المصري
وزير الداخلية المصري

بدأت الأحداث داخل جدران مدرسة بورسعيد الميكانيكية، حيث بعد مرور ساعتين من اليوم الدراسي، استأذن الطالب محمد عمر مهران، بالصف الأول بالمدرسة الميكانيكية، للذهاب إلى دورة المياه والعودة مرة أخرى إلى الفصل، لكن زميلا له كان له رأي آخر وقرر إنهاء حياته بطعنة نافذة في القلب، لخلافات سابقة بينهما بحسب تصريحات والد الضحية.

قضية طفل الإسماعيلية

شهدت محافظة الإسماعيلية جريمة هزّت الرأي العام ومازالت أصداؤها متواصلة حتى اليوم، حيث أقدم مراهق لم يتجاوز الـ13 من عمره على قتل زميله في المدرسة، ثم قام بتقطيع جثمانه إلى أشلاء باستخدام منشار كهربائي.

طفل الإسماعيلية القاتل
طفل الإسماعيلية القاتل

ووفقا للتحقيقات الأولية، فقد استدرج الطفل الجاني زميله إلى منزل أسرته في غياب والديه، ثم اعتدى عليه بالضرب حتى فارق الحياة، قبل أن يُحضر منشار والده الكهربائي، ويشرع في تقطيع الجثة إلى أشلاء متأثرا بمشاهد شاهدها في أحد المسلسلات العنيفة وألعاب الفيديو الإلكترونية.

قضية شهيد الشهامة محمود البنا في المنوفية

في 9 أكتوبر عام 2019 شهدت محافظة المنوفية واقعة قتل نفذها أربع أصدقاء لا يتجاوز عمرهم الـ 17 عاما جريمة بشعة بحق شاب في نفس عمر الجناة وهو الشاب محمود البنا، والذ عرف إعلاميا بلقب شهيد الشهامة وذلك لرفض الأخير مغازلة الجناة لجارته، ما أشعل بينهم الغضب، قرر على إثرها المتهم الرئيسي “راجح” إعداد خطة لقتل “محمود” بمساعدة أصدقائه.

قضية شهيد الشهامة
قضية شهيد الشهامة

وبعد ثلاثة أعوام من التداول في أروقة القضاء، أصدرت محكمة الطفل في شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 2021، حكمها في القضية بالسجن 15 عاما للثلاثة متهمين الأوائل والسجن 5 سنوات للمتهم الرابع وهو ما أيدته محكمة النقض رغم مطالبة الجميع بتنفيذ حكم الإعدام على المتهم الرئيسي راجح إلا أن قانون الطفل منع حدوث ذلك.

جدل حول قانون الأحداث

ومع تكرار الحوادث المشابهة، ارتفعت الأصوات المطالِبة بتعديل قانون الأحداث بحيث يسمح بتطبيق الإعدام أو السجن المؤبد في الجرائم التي تتعلق بهتك العرض والقتل العمد، حتى لو كان الجاني حدثًا.

أصحاب هذا الاتجاه يرون أن القُصّر أصبحوا أكثر وعيًا ومسوؤلية حتى ولو كانوا دون السن القانوني، وأن بعضهم يستغل هذه الثغرة في ارتكاب جرائم لا تقل خطورة عن تلك التي يرتكبها البالغون إن لم تكن ابشع ، ولذلك لا بد من تشديد العقوبة لضمان الردع وحماية الأطفال.

مثل هذه الأحكام خلقت شعورًا عامًا بأن هناك فجوة قانونية تجعل بعض الجرائم الكبرى بلا عقوبة رادعة كافية

قانون الطفل

وينص قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته صراحة على منع توقيع عقوبات الإعدام أو السجن المؤبد على أي متهم أقل من 18 عامًا. وجاء ذلك بوضوح في المادة 112 التي تنص على أن:

«لا يُحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة.»

شاهد إيه اللي بيحصل في بلقاس.. وفاة شاب جامعي داخل قسم الشرطة وعائلته يتهمون الضباط بتعذيبه والداخلية تصدر بيان

من جانبهم أكد عدد من المتخصصين في القانون الجنائي وحقوق الطفل أن مثل هذه المطالبات والدعاوى التي تطالب بتطبيق عقوبة الإعدام على من هم دون الثامنة عشر عاما يصطدم مباشرة بالاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل 《CRC 《 التي تحظر بشكل قاطع توقيع عقوبة الإعدام على أي شخص ارتكب جريمة وهو دون الثامنة عشرة.

قانون الطفل
قانون الطفل

موضحين أن فلسفة قانون الأحداث لا تقوم على الردع وحده، بل على فكرة الإصلاح وإعادة الدمج بالمجتمع، باعتبار أن شخصية الحدث لا تزال في طور التكوين، وأن إمكانية إصلاحه أكبر من إمكانية إصلاح البالغ.

في المقابل يرى خبراء علم الاجتماع أن المشكلة ليست في القانون فقط، بل في غياب منظومة متكاملة للردع الاجتماعي والوقاية. فالكثير من هذه الجرائم تقع في بيئات مهمّشة تفتقر للرقابة الأسرية ولبرامج التوعية ولوجود مؤسسات قادرة على اكتشاف الانحراف المبكر ومعالجته لكن تلك ليست القاعدة فا أحدث واقعة كانت في حمام سباحة بالعين السخنة ومن طالب في مدرسة إنترناشيونال.

ولهذا اقترح العديد من الخبراء مجموعة من الحلول البديلة التي يمكن أن توازن بين حماية المجتمع واحترام التزامات الدولة بالقانون الدولي.

مفاجآت جديدة صادمة في جريمة طفل الإسماعيلية.. الجاني أكل جزء من جثة صاحبه وقرار بحبسه 15 يوما

مثل رفع الحد الأقصى لعقوبة الحدث في الجرائم الخطيرة مع الإبقاء على حظر الإعدام، وتأسيس نظام تقييم نفسي وسلوكي متخصص لتحديد مستوى الخطورة لدى المتهمين القُصّر، وإمكانية استمرار احتجازهم في مؤسسات إعادة التأهيل حتى بعد انتهاء فترة الحكم إذا ثبت أنهم مازالوا يمثلون خطرًا على المجتمع  مع  إدخال تعديلات تشريعية تمنح القضاة مساحة أوسع لتشديد العقوبة في حالات القتل العمد والاعتداء الجنسي المصحوب بعنف شديد.

ورغم الجدال الكبير، يبقى الملف مفتوحًا أمام نقاش مجتمعي وقانوني واسع، خاصة في ظل تزايد الوعي المجتمعي بحقوق الأطفال وضرورة حماية الفئات الأكثر ضعفًا. ومع تزايد الضغوط الشعبية بعد كل جريمة جديدة، يبدو واضحًا أن النقاش حول تعديل قانون الأحداث في مصر سيظل حاضرًا بقوة في الفترة القادمة، وأن الدولة بحاجة إلى تعديل شامل لا يكتفي بتشديد العقوبات، بل يمتد لتوفير بيئة قادرة على الحد من هذه الجرائم قبل وقوعها.

مواضيع ذات صلة

5 قرارات من وزارة التعليم وبيان من الداخلية.. تفاصيل مقتل طالب ثانوي على يد زميله في بورسعيد

على طريقة مسلسل ساعته وتاريخه… العثور على جثة فتاة داخل برميل في شقة مهجورة بمنطقة بولاق الدكرور

تخفيف الحكم على المتهم بالاعتداء على الطفل ياسين من المؤبد إلى 10 سنوات

عن Admin

شاهد أيضاً

تأسيس دار الإفتاء المصرية

دار الإفتاء المصرية تحتفل بمرور 130 عامًا على تأسيسها وتكرم المفتين السابقين

كتب هبة سعيد تُنظِّم دار الإفتاء المصرية يوم الأحد القادم الموافق 23 نوفمبر 2025 احتفالًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *