الإسماعيلية – أحمد ماهر
لم يتصور أحد من سكان منطقة المحطة الجديدة بمحافظة الإسماعيلية أن تستيقظ المنطقة الهادئة على جريمة تهز أركان المحافظة بل ومصر كلها وأصبحت ترند معروف باسم جريمة طفل الإسماعيلية.
لم تكن الدهشة بسبب طبيعة الجريمة فقط ولا بسبب سن الضحية ولا حتى بسبب بشاعة طريقة التنفيذ ولكت الاكثر دهشة وتعجب هو عمر القاتل الذي لم يتجاوز الثالثة عشر وتواجده في المرحلة الإعدادية.
تفاصيل جريمة طفل الإسماعيلية.. البداية
بدأت قصة الرعب صباح الأحد الماضي 12 أكتوبر، حين خرج الطفل محمد أحمد محمد، البالغ من العمر 12 عامًا، الطالب بالمرحلة الإعدادية من مدرسته كعادته، حاملًا حقيبته الصغيرة ويودّع زملاءه بضحك طفولي بريء، لكنه لم يكن يعلم أن تلك ستكون آخر مرة يُرى فيها حيًا.

اختفى محمد فجأة بعد خروجه من مدرسته حيث لم يعد إلى منزله في موعده المعتاد ما أصاب أسرته بالقلق، خاصة مع محاولتهم الاتصال به على تلفونه المحمول مرارًا دون رد.
بلاغ بالاختفاء وبداية البحث عن تلميذ الإسماعيلية
مع غروب الشمس تحول القلق إلى خوف فأسرع والده أحمد محمد إلى قسم شرطة الإسماعيلية ليحرر محضرًا رسميًا بتغيب نجله، مؤكدًا أنه خرج من المدرسة صباحا كعادته إلا أنه لم يعد لمنزله حتى اللحظة.

بمجرد تسجيل البلاغ شّكل مدير أمن الإسماعيلية، فريقًا موسعًا لتتبع خط سير الطفل المفقود وكشف ملابسات غيابه الغامض حيث بدأت التحريات بفحص كاميرات المراقبة المحيطة بالمدرسة والشوارع المجاورة، وأظهرت التسجيلات أن محمد كان يسير بصحبة زميله في الصف، الطفل يوسف، البالغ من العمر 13 عامًا.
الطفل يوسف آخر من شاهد محمد.. شاهد أم متهم
على الفور قامت الأجهزة الأمنية باستدعاء الطفل يوسف وسؤاله عن صديقه المختفي في محاولة لاكتشاف الغموض دون وضع أي تصور لدور يوسف في عملية اختفاء زميله.

في التحقيق الأول أكد الطفل يوسف أنه افترق عن صديقه بالقرب من أحد المطاعم في حي أول، لكن مراجعة الكاميرات كشفت كذبه، إذ ظهر الطفلان سويًا حتى دخلا إلى منزل يوسف في منطقة المحطة الجديدة، وهناك انقطعت آثار محمد نهائيًا.
الكاميرات والأكياس السوداء تكشف المستور
استمرت التحريات وسط حالة من الترقب والقلق، حتى لاحظ فريق البحث أن يوسف خرج من منزله أكثر من مرة في اليوم التالي، يحمل أكياسًا سوداء كبيرة.

أثار ذلك شكوك رجال المباحث، فتمت مداهمة المنزل، ليعثروا بداخله على ملاية ملطخة بالدماء وكاب خاص بالمجني عليه، وكانت تلك اللحظة كفيلة بقلب الموازين، حين تحولت القضية من مجرد تغيب طفل إلى جريمة قتل بشعة.
المواجهة والاعتراف الصادم للطفل يوسف: قتلته بـ شاكوش وقطعته بمنشار كهربائي
وبمواجهة الطفل يوسف بالأدلة، انهار باكيًا وبدأ يسرد تفاصيل الجريمة، قائلا إنه أثناء تواجدهما بالمنزل نشبت مشادة كلامية بينه وبين صديقه محمد، تعدى خلالها المجني عليه عليه بـ”كاتر”، فما كان منه إلا أن أمسك “شاكوش” وضربه على رأسه أكثر من مرة حتى سقط فاقدًا للحياة.
وقف يوسف مذهولًا أمام جسد صديقه الصغير، لا يعرف ماذا يفعل. وبعد دقائق من الصمت المربك، قرر أن يُخفي جريمته.

استغل يوسف غياب والده الذي يعمل نجارًا ويتغيب عن المنزل معظم الوقت، وأحضر منشارًا كهربائيًا يخصه، واستخدمه في تقطيع الجثة إلى ستة أجزاء، وضعها داخل أكياس سوداء، ثم خرج على فترات متقطعة ليُلقي أربعة أجزاء بجوار بحيرة كارفور، وجزأين آخرين داخل مبنى مهجور في ذات المنطقة.
فيلم ديكستر أوحى له بالجريمة
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل اعترف يوسف بأن فكرته عن الجريمة جاءت نتيجة تأثره بأحد الأفلام الأجنبية العنيفة، مؤكدًا أنه استوحى طريقة التنفيذ من فيلم بعنوان “ديكستر”، تدور أحداثه حول قاتل متسلسل يقطع ضحاياه بالطريقة ذاتها.
قال الطفل ببرودٍ مخيف إنه لم يتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد، لكنه كان يعيش حالة من الغضب والاضطراب، خاصة مع تفكك أسرته ومعاناته النفسية.

وكشفت التحريات أن خلفيته الأسرية كانت مأساوية؛ فوالده كثير الغياب بسبب عمله كنجار، ووالدته منفصلة ومتزوجة من رجل آخر ولا ترعاه، ما تركه وحيدًا في منزل خالٍ من الرقابة والحنان، غارقًا في عالم الإنترنت والأفلام الدموية التي شوهت فطرته.
وهو الأمر الذي الدكتور محمد مدكور، استشاري الطب النفسي في حواره مع الوقائع اليوم ، مؤكدا فى البداية أن المراهقة هي أكثر المراحل العمرية اضطرابًا في حياة الإنسان. ففيها يتصارع الجانب العاطفي مع المنطقي، ويبحث المراهق عن هويته واستقلاله، لكنه يفتقر إلى النضج الكافي لاتخاذ قرارات متزنة.

ويقول مدكور إن الجريمة التي شهدتها الإسماعيلية تعكس هذا التناقض الحاد داخل عقول المراهقين: “الاندفاع لا يعني الجنون، بل هو نتيجة عجز الدماغ عن ضبط الانفعالات في لحظة ضغط نفسي أو عاطفي.”وعندما تغيب الرقابة الأسرية، ويجد المراهق نفسه في عالم رقمي مفتوح يعج بالعنف، و القوة والانتقام بدلًا من الحوار.
البيت المضطرب… الشرارة الأولى للخلل النفسي عن تلميذ الإسماعيلية
يضيف الدكتور مدكور أن انقسام الأسرة أو ضعف التواصل بين الوالدين من أكثر العوامل التي تمهد الطريق للاضطراب السلوكي عند الأبناء. فحين يفقد الطفل شعوره بالاستقرار، تبدأ شخصيته بالتشقق. خاصة المراهق الذى يحتاج إلى أن يشعر بأنه مسموع ومفهوم، وعندما لا يجد من يحتويه، يبدأ في الانسحاب إلى عالمه الخاص، ومع الوقت، يتراجع الإحساس بالواقع، وتصبح ردود الفعل تجاه الأحداث أكثر تطرفًا وعدوانية.
النيابة تأمر بعرض طفل الإسماعيلية على الطب النفسي
وبعد القبض عليه، قررت النيابة العامة عرض المتهم على الطب النفسي للتأكد من سلامة قواه العقلية وقت ارتكاب الجريمة، كما تم تمثيل الجريمة أمام فريق من المحققين، في مشهد أعاد للأذهان تفاصيل المأساة بكل بشاعتها، حين أعاد الطفل بنفسه تمثيل كيفية ضرب صديقه وتقطيع جثمانه.
خارج مسرح الجريمة، كان أهالي الإسماعيلية يعيشون حالة من الذهول والصدمة. لم يصدق أحد أن طفلًا في الثالثة عشر من عمره يمكن أن يُقدم على قتل زميله بهذه الطريقة الوحشية.
وقف الجيران في صمت، والوجوم يكسو الوجوه، بينما الأم المكلومة لم تستطع سوى ترديد اسم ابنها وسط دموع لا تجف.
نُقل جثمان الطفل المجني عليه إلى ثلاجة مستشفى الجامعة تحت تصرف النيابة العامة، التي واصلت تحقيقاتها في الجريمة ثم أمرت بدفن جثمان الطفل الضحية حيث استقبلت أسرته عزاء ابنها أمس السبت بدار مناسبات الشيخ زايد بحي ثالث محافظة الإسماعيلية.
وأدى الآلاف من أهالى الإسماعيلية صلاة الجنازة على تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله عقب صلاة الظهر من مسجد المطافى وعقب أداء صلاة الجنازة قام الأهالى بتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بكساب بمركز ومدينة القصاصين.
الطفل يوسف يعيد تمثيل جريمة الإسماعيلية
اصطحبت الأجهزة الأمنية وجهات التحقيق “يوسف .أ” المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بمنشار كهربائى لأشلاء إلى مسرح الجريمة فى الساعات الأولى من صباح اليوم وذلك للبحث عن أدلة أخرى.
تحليل مخدرات وإيداع الطفل المتهم في دار رعاية
وكانت جهات التحقيق قررت إحالة “يوسف .أ” المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بمنشار كهربائى لأشلاء إلى مصلحة الطب الشرعى لإجراء تحليل مخدرات.
وكانت قد أمرت جهات التحقيق فى محافظة الإسماعيلية بإيداع “يوسف.أ.” المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بمنشار كهربائى داخل إحدى دور الرعاية لمدة سبعة أيام، على أن يُعرض مجددًا عقب انتهاء المدة للنظر فى تجديد أمر الإيداع.

وكانت قد قررت جهات التحقيق فى محافظة الإسماعيلية فى وقت سابق التصريح بدفن جثمان المجنى عليه”محمد .أ.م” ضحية زميله الذى قتله وقطع جسده الى اشلاء بواسطة منشار كهرباء وتسليمه الى زويه عقب انتهاء الطب الشرعى من تشريح جثمانه.
وكان قد انتهى الطب الشرعى من إجراء الصفة التشريحية على جثمان المجنى عليه”محمد .أ.م” ضحية زميله الذى قتله وقطع جسده الى اشلاء بواسطة منشار كهرباء وذلك لبيان سبب الوفاة وتاريخها وكيفية حدوثها، مع ضم التقرير إلى أوراق القضية وسطر الطب الشرعى تقريرا بعملية التشريح وتم تسليمه الى جهات التحقيق.
وقررت النيابة العامة انتداب الطب الشرعى لإجراء الصفة التشريحية على جثمان المجنى عليه”محمد .أ.م” لبيان سبب الوفاة وتاريخها وكيفية حدوثها، مع ضم التقرير إلى أوراق القضية، فضلًا عن فحص وتحليل العينات المأخوذة من المتهم والمجنى عليه.
وكانت قد اصطحبت جهات التحقيق التلميذ المتهم بقتل زميله إلى مكان اخفاء اشلاء زميله فى عدد من الأماكن بمنطقة كارفور منها منطقة خلف كارفور وأمام كارفور واسفل كوبرى كارفور وفى بركة بالمنطقة وقطع أخرى بمنطقة أرض فضاء وقطعة من الأشلاءعلى بحيرة الصيادين.
وذلك عقب تمثيله الجريمة بمنزله بالمحطة الجديدة دائرة قسم أول الإسماعيلية أمام جهات التحقيق.