الحرب الأهلية في السودان
الحرب الأهلية في السودان

500 يوم من الحرب الأهلية في السودان .. 150 ألف قتيل و12 مليون نازح ومخاوف من انقسام جديد

عصام الحوت

منذ 15 أبريل من العام الماضي ويعاني الشعب السوداني من ويلات حرب أهلية دامية والتي اندلعت بين القوات المسلحة بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، حين تحول التحالف بينهما إلى حرب أهلية أتت على الأخضر واليابس.

وشهد السودان خلال 500 يوم معارك ضارية امتدت لأغلب الولايات، وحصدت مها آلاف الأرواح البريئة بجانب ملايين النازحين حربا من ويلات الحرب الأهلية في السودان إلى خارجها.

الحرب الأهلية في السودان
الحرب الأهلية في السودان

 وتشير بعض التقديرات إلى أن ضحايا الحرب الأهلية في السودان وصل عددهم إلى 150 ألفا وفقا للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص فى الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

الحرب الأهلية في السودان

ومع تدهور الأوضاع وعدم ظهور أي بارقة أمل لتوقف عجلة الحرب الأهلية، يخشى الكثير من المتابعين والخبراء من حدوث انقسام جديد في السودان بعد انقسام عام 2011 ليصبح الوطن الواحد بلدين أحدهما إسلامي في الشمال والآخر مسيحي في الجنوب.

وكان قد تفاقم الخلاف بين الشمال الإسلامي ومقر الحكومة المركزية والكثير من المسيحيين السودانيين وغيرهم في الجنوب، حتى تسببت الاختلافات في اللغة والدين والسلطة السياسية في حرب أهلية بين القوات الحكومية، المتأثرة بشدة بالجبهة الإسلامية الوطنية، والمتمردين الجنوبيين، الذين كان فصيلهم الأكثر نفوذاً هو جيش التحرير الشعبي السوداني، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقلال جنوب السودان كدولة مستقلة ذات سيادة عام 2011.

وحاليا أدت الحرب الأهلية في السودان بين قوات البرهان وقوات دقلو إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، خاصة مع تواجد أزمة اقتصادية طاحنة يعاني منها النظام منذ سنوات طوال رغم الموارد الطبيعية بالبلاد.

وسبق أن حذرت منظمة إنقاذ الطفولة، من أن نحو 230 ألف طفل وامرأة (بينهن حوامل) مهددون بالموت بسبب الجوع ما لم يتم توفير التمويل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السودان.

تدهور الأوضاع الصحية في السودان
تدهور الأوضاع الصحية في السودان

الأزمة الصحية في السودان .. الأطفال الضحية

ويعانى أكثر من 2.9 مليون طفل فى السودان من سوء التغذية الحاد، حسب تقرير مشترك للأمم المتحدة ووزارة الصحة السودانية ومنظمات أخرى غير حكومية.

ومن بين هؤلاء الأطفال، يحتمل أن يعانى أكثر من 100 ألف طفل من مضاعفات طبية مثل الجفاف وانخفاض حرارة الجسم ونقص السكر فى الدم، الأمر الذى يتطلب رعاية مكثفة ومتخصصة فى المستشفى للبقاء على قيد الحياة.

الأزمة السياسية والاقتصادية السودانية، لازمتها أزمة إنسانية عميقة مزقت أوصال السودانيين، بين نازحين فى الداخل والخارج، هربا من ويلات الحرب بين قوات الجيش السوداني بقيادة البرهان من ناحية، وقوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو من النحاية الأخرة.

12 مليون نازح سوداني

وخلال الـ 500 يوم سجل السودان قرابة 12 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب بيان هيئات نقابية سودانية، حيث نزح نحو 9 ملايين مواطن إلى مناطق داخلية، فيما لجأ أكثر من 3 ملايين شخص لدول الجوار ومنها مصر، خاصة مع تدمير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.

اقرأ أيضا 

تفشي الكوليرا في السودان.. تسجيل 300 إصابة جديدة و18 وفاة.. ومصر ترفع درجة الاستعداد

تفاصيل محاولة اغتيال عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني.. هجوم بـ 8 طائرات مسيرة

الحرب في السودان .. بعد مجزرة ود النورة.. مصرع 35 شخصا في معارك الفاشر

وبشأن الفيضانات، قالت منظمة الهجرة أن الأمطار والسيول الواسعة زادت الطين بلة، إذ أدت إلى نزوح أكثر من 20 ألف شخص منذ يونيو الماضى فى 11 ولاية من ولايات السودان الـ18، كما جرفت السيول البنية الأساسية الحيوية، مما أدى إلى تعطيل توصيل المساعدات الإنسانية الحيوية بشكل أكبر.

الوضع الصحي في السودان تفشي الكوليرا

وحذرت من أنه على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، من المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 25.6 مليون شخص انعدام الأمن الغذائى الحاد مع انتشار الصراع.

وبشأن الوضع الصحي في السودان أعلنت السلطات الصحية عن تفشى وباء الكوليرا الذى أسفر عن وفاة ما لا يقل عن 22 شخصًا وإصابة أكثر من 300 آخرين فى الأسابيع الأخيرة من شهر أغسطس.

اقرأ المزيد

السيسي يستقبل البرهان في قصر الاتحادية ويؤكد دعم مصر الكامل لاستقرار السودان

وتوقعت منظمة إنفاذ الطفولة أن يموت فى الأشهر المقبلة حوالى 222 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وأكثر من 7 ألاف أم (ولدن حديثا)، إذا لم تتم تلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية، موضحة أن هذه التوقعات تستند إلى مستويات التمويل الحالية لبرنامج التغذية الطارئة فى السودان، والذى يغطى فى الوقت الحالى 5.5٪ فقط من إجمالى الاحتياجات فى البلاد، مقابل 23٪ العام الماضى.

تفشي الكوليرا في السودان
تفشي الكوليرا في السودان

وحتى اليوم لم تفلح الجهود الدولية فى إخماد نيران الحرب، وكان آخرها محادثات جنيف فى أغسطس الماضي، والتي عقدت على مدار 10 أيام برعاية أمريكية.

ولم تنجح المحادثات في إظهار أي أمل لحل الأزمة السودانية في القريب، ولاتزال المعارك الضارية تحصد المزيد من الضحايا فى ولايات السودان، وتتفاقم المأساة الانسانية مع موسم الفيضان وانتشار الأوبئة وفى ظل فشل المنظومة الصحية فى الوصول إلى كافة السودانيين وسط المعارك.

أحداث ما قبل الحرب الأهلية في السودان

في 19 ديسمبر 2018 احتج المئات من السودانيين في مدينة عطبرة الشمالية على ارتفاع أسعار الخبز، وسرعان ما انتشرت المظاهرات المدفوعة بأزمة اقتصادية أوسع إلى الخرطوم ومدن أخرى. وردت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع وإطلاق النار.

في السادس من أبريل 2019 بدأ مئات الآلاف من المتظاهرين اعتصاماً أمام مقر الجيش في الخرطوم. وبعد خمسة أيام، أطاح الجيش بالرئيس عمر البشير واحتجزه، منهياً بذلك حكمه الذي دام ثلاثة عقود.

السودان بعد سقوط حكم البشير

في 17 أغسطس 2019 وقّعت قوى مدنية مؤيدة للانتفاضة اتفاقاً لتقاسم السلطة مع الجيش خلال فترة انتقالية تفضي إلى انتخابات. وتم تعيين عبدالله حمدوك، الاقتصادي والمسؤول السابق في الأمم المتحدة، على رأس الحكومة السودانية الجديدة

في 31 أغسطس 2020 توصلت السلطات الانتقالية إلى اتفاق سلام مع بعض الجماعات المتمردة من إقليم دارفور المضطرب غرب البلاد ومن المناطق الجنوبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، باستثناء مجموعتين رئيسيتين رفضتا الاتفاق.

مقابر جماعية في السودان
مقابر جماعية في السودان

 في 25  أكتوبر 2021 اعتقلت قوات الأمن حمدوك رئيس الحكومة والعديد من القيادات المدنية في مداهمات قبل الفجر، وذلك بعد أسابيع من تبادل الاتهامات بين القوى المدنية والعسكرية، وأعلن قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حل الحكومة المدنية.

في 21  نوفمبر 2021 وبعد خروج عدة مسيرات حاشدة احتجاجاً على حل الحكومة وتعليق معظم الدعم المالي الدولي للسودان، أعلن القادة العسكريون وحمدوك عن اتفاق لإعادة تعيينه رئيساً للوزراء، لكنه استقال بعد أقل من شهرين مع استمرار الاحتجاجات.

في الخامس من ديسمبر 2022 وقّعت عدة قوى مدنية سودانية على اتفاق إطاري مع الجيش لبدء عملية جديدة للانتقال السياسي لمدة عامين وتعيين حكومة مدنية.

في الخامس من أبريل 2023 تم تأجيل توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية للمرة الثانية وسط خلافات حول ما إذا كان الجيش سيخضع لإشراف مدني وحول خطط دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.

اندلاع الحرب الأهلية في السودان

في 13  أبريل 2023 أعلن الجيش السوداني بقيادة البرهان أن تعبئة قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو تنطوي على خطر حدوث مواجهة. وبعد يومين، اندلعت اشتباكات بين الجانبين في الخرطوم ومدن أخرى.

في 21  أبريل 2023 تزايد عدد السكان الفارين من الخرطوم بسرعة مع تصاعد الضربات الجوية التي نفذها الجيش والاشتباكات بالإضافة لعمليات النهب في العاصمة. كما هرع الدبلوماسيون والوافدون إلى المطارات والحدود ومناطق إخلاء أخرى في الأيام والأسابيع التالية.

في 20  مايو 2023 اتفق طرفا الصراع في محادثات عقدت في جدة على وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام، لكن القتال لم يتوقف، ولم تفلح المفاوضات بوساطة سعودية وأميركية في تسوية الصراع.

الحرب في السودان
الحرب في السودان

في يوليو 2023 توسع نطاق الصراع ليشمل منطقة دارفور غرب البلاد التي تمكنت فيها قوات الدعم السريع من تحقيق المزيد من المكاسب في الأشهر التالية، كما اتهمت قوات الدعم السريع وميليشيات عربية موالية لها بارتكاب عمليات قتل بدوافع عرقية في ولاية غرب دارفور.

مؤتمر باريس يطالب الأطراف الأجنبية بوقف دعمها المسلح لفرقاء السودان

في14  ديسمبر 2023 حذرت الأمم المتحدة من أن الأسر في مناطق الصراع قد تواجه ظروفاً مماثلة للمجاعة في 2024، حيث يحتاج نحو 30 مليوناً، بما يشكل نحو ثلثي سكان البلاد، لمساعدات وهو ضعف العدد قبل الحرب. كما تزايدت التحذيرات من احتدام الأزمة الإنسانية في الأشهر التالية.

في19  ديسمبر 2023 انسحب الجيش مع تقدم قوات الدعم السريع للسيطرة على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة. وسيطرت قوات الدعم السريع بشكل كبير على الخرطوم المجاورة وكل منطقة دارفور تقريباً وأغلب ولاية كردفان، بينما سيطر الجيش على الشمال والشرق بما يشمل الميناء الرئيسي للبلاد على البحر الأحمر. كما قالت الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن الجانبين ارتكبا انتهاكات خلال المعارك.

الحرب في السودان
الحرب في السودان

في 12  مارس 2024 قال الجيش إنه سيطر على مقر هيئة البث الرسمية في أم درمان المقابلة للخرطوم في إطار أكبر تقدم يحققه على قوات الدعم السريع في أشهر. هذا وقالت مصادر إن طائرات مسيرة إيرانية الصنع ساعدت الجيش على ترجيح كفة الصراع لصالحه.

في التاسع من أبريل 2024 وصل القتال إلى ولاية القضارف الزراعية التي كانت تنعم قبل ذلك بالهدوء ويحتمي فيها ما يصل إلى نصف مليون نازح.

عن Admin

شاهد أيضاً

أسعار الفاكهة في أسواق مصر اليوم

أسعار الفاكهة في أسواق مصر اليوم 11 سبتمبر 2024

اقتصاد – منار زهران واصلت أسعار الفاكهة في أسواق مصر اليوم، ارتفاعها في معظم أصناف الفاكهة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *